كل عام وأنتم بخير بذكرى حرب تشرين التحريرية

أخر المشاركات

الجمعة، 7 أكتوبر 2011

المناورات العسكرية التركية على الحدود السورية والنوايا العدوانية المبيتة

المناورات العسكرية التركية على الحدود السورية والنوايا العدوانية المبيتة
المناورات العسكرية التركية على الحدود السورية والنوايا العدوانية المبيتة
تحدثت التقارير الجارية كثيراً خلال اليومين الماضيين عن فعاليات المناورات العسكرية التركية الجارية حالياً على مقربة من الأراضي السورية، وفي هذا الخصوص فقد ذهبت وجهات النظر مذاهب شتى في تفسير طبيعة وحقيقة هذه المناورات: فما هو الهدف الذي تسعى أنقرا لتحقيقه عبر هذه المناورات، وما هي الأبعاد الحقيقية لارتباط السياسة الخارجية التركية الشرق أوسطية بالتحركات العسكرية التركية، وما هو تأثير ذلك على علاقات تركيا مع بلدان الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص سوريا؟
* المناورات العسكرية التركية: توصيف المعلومات الجارية
على خلفية تداعيات حركة الاحتجاجات السياسية السورية المحدودة، فقد سعت أنقرا إلى اعتماد المزيد من المواقف التي وجدت الرفض الشديد بواسطة دمشق، ومع استمرار توترات علاقات خط أنقرا ـ دمشق، فقد سعت السلطات التركية إلى إجراء مناورات عسكرية في منطقة لواء اسكندرون السورية الواقعة تحت السيطرة التركية، وفي هذا الخصوص أشارت المعلومات إلى الآتي:
•    الاسم الكودي: أطلقت على المناورات تسمية "سهم البرق اللامع".
•    النطاق الزمني: تبدأ المناورات من يوم 5 تشرين الأول (أكتوبر) وتستمر حتى يوم 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2011م.
•    القوات المشاركة: يشارك في المناورات لواء المشاة الميكانيكي 19، و730 من جنود الاحتياط.
•    الهدف: تسعى المناورات إلى تحقيق: تعزيز القدرة على تعبئة الاحتياطي ـ تعزيز قدرة حركة القوات باتجاه الحدود السورية ـ تعزيز قدرة التنسيق المشترك بين الوزارات والمؤسسات العامة والجيش التركي في حالة اندلاع المواجهة العسكرية في المنطقة.
هذا، ونلاحظ هنا أن حجم المناورات صغير نسبياً مقارنة بحجم الجيش التركي، إضافة إلى انحصار صنوف القوات المشاركة ضمن قوات المشاة الميكانيكية وجنود الاحتياط، وبالتالي لا توجد مشاركة واضحة لقوات سلاح الجو التركي، ولا لوحدات القوات الخاصة التركية، ولا حتى للقوات المدرعة التركية، وما هو جدير بالملاحظة يمثل من الناحية العسكرية في نقطتين الأولى تتمثل في أن فترة المناورات طويلة نسبياً، والثانية تتمثل في أن منطقة المناورات هي منطقة ظلت تقليدياً مصدر توتر محتمل بين تركيا وسوريا، وذلك لأن لواء اسكندرون هو أرض سورية، تتبع سيادياً لسوريا، وفقط قامت السلطات الاستعمارية الفرنسية في عام 1939 بوضع المنطقة تحت الإشراف الإداري التركي.

* القراءة في المشهد الخلفي للمناورات العسكرية التركية
تقول التحليلات السياسية، بأن محفزات المناورات العسكرية التركية الجارية حالياً قد تشكلت على خلفية الآتي:
•    زيارة قائد قوات حلف الناتو في أوروبا الجنرال جيمس ستافيريس للعاصمة التركية أنقرا في يوم 29 أيلول (سبتمبر) 2011م الماضي، وتفاهماته مع العسكريين الأتراك حول ملف الدور العسكري التركي المحتمل في سوريا، وما يتوجب على حلف الناتو تقديمه من دعم ومساعدات للقوات التركية.
•    زيارة وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا الأخيرة لإسرائيل ومطالبته لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، ووزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال إيهود باراك، بضرورة تحسين الروابط والعلاقات الثنائية الإسرائيلية ـ التركية. وذلك من أجل تنسيق عملية ردع سوريا وإيران وحزب الله اللبناني.
•    قيام أنقرا بالموافقة على نشر منشآت الدرع الصاروخي الخاص بحلف الناتو في مناطق جنوب سرق تركيا المتاخمة لسوريا وإيران والعراق.
هذا، وتقول المعلومات والتسريبات بأن أنقرا سوف تسعى خلال الفترة القريبة القادمة إلى انتهاج المزيد من التوجهات العدائية إزاء دمشق، والتي بدأت مؤشراتها عملياً بقيام البحرية التركية باعتراض سفينة شحن سورية في عرض البحر تحت مزاعم أنها تحمل شحنة أسلحة إلى دمشق، وذلك في انتهاك تركي واضح لحقوق الملاحة في المياه الدولية، وفي ظل عدم وجود غطاء قانوني دولي يخول لأنقرا القيام بذلك، طالما أنه لا يوجد أي قرار دولي يحظر شحنات الأسلحة إلى سوريا.

* المناورات العسكرية التركية: إلى أين؟
يتعارف خبراء الشؤون السياسية والعسكرية والاستراتيجية، على أن المناورات العسكرية، أياً كانت، فهي عادة ما تهدف إلى الآتي:
•    تعزيز القدرات والمهارات العسكرية.
•    نقل الإشارات والرسائل.
•    ردع الخصوم.
•    استعراض القوة.
وفي هذا الخصوص يمكن قراءة محتوى ملف المناورات العسكرية التركية الجارية حالياً، وفقاً للنقاط الآتية:
•    تعزيز القدرات والمهارات العسكرية التركية، استعداداً لمواجهة عسكرية محتملة مع سوريا، وهو أمر مستبعد، لأن تركيا مهما أوتيت من قوة عسكرية ذاتية وقوة عسكرية مضافة بواسطة حلف الناتو، تعلم جيداً أن سوريا ليست صيداً سهلاً، وبمثل ما إسرائيل مكشوفة أمام القدرات الصاروخية السورية، فإن تركيا مكشوفة أيضاً، خاصة وأن الدرع الصاروخي الخاص بحلف الناتو لم يكتمل بعد.
•    نقل الإشارات والرسائل، وهو أمر محتمل، فقد ظلت توجهات السياسة الخارجية التركية إزاء سوريا تنطوي على قدر كبير من طاقة بث الرسائل والإشارات عبر التصريحات وعندما لم يجدي ذلك نفعاً فقد سعت أنقرا لجهة بث هذه الإشارات عبر المناورات.
•    ردع الخصوم، وهو أمر محتمل طالما أن حزب العمال الكردستاني ما زال يباشر عملياته العسكرية المتصاعدة ضد تركيا، وبالتالي فمن الممكن أن تكون أنقرا قد سعت لإجراء هذه المناورات للتذكير بأن الجيش التركي سوف يظل أكثر انضباطاً في مواجهة عمليات حزب العمال الكردستاني، وبالتالي لا داعي لقيام خصوم أنقرا الحاليين القيام بتقديم الدعم لهذا الحزب.
•     استعراض القوة، هو سيناريو درجت أنقرا على إنفاذه بشكل دائم طوال فترة الخمسين عاماً الماضية، وتعتبر تركيا البلد الشرق أوسطي الأكثر إجراء للمناورات والتدريبات، فهناك تدريبات مع حلف الناتو، ومع القوات الأمريكية، ومع القوات الإسرائيلية، وحتى سوريا نفسها، فقد سعت أنقرا إلى إجراء مناورات معها خلال العام الماضي.
على أساس هذه المعطيات تشير التوقعات الجارية إلى أن هذه المناورات تهدف إلى تمهيد المسرح لزيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لمعسكرات اللاجئين السوريين الموجودين حالياً داخل الأراضي التركية، وكما أشارت التسريبات، فسوف تكون أبرز فعاليات هذه الزيارة متمثلة في قيام أردوغان بإعلان سلسلة العقوبات الجديدة ضد دمشق، وإضافة إلى ذلك تشير المعطيات إلى أن هذه المناورات قد تم تحديد موعد انطلاقها بحيث يقع بعد يوم واحد من جلسة تصويت مجلس الأمن على مشروع القرار الأوروبي الذي سعى لاستهداف سوريا، وأيضاً بعد فترة وجيزة من قيام المعارضة السورية بتشكيل ما أطلقت عليه تسمية "المجلس الوطني السوري".
ولما كان قرار مجلس الأمن الدولي قم تم إحباطه بواسطة الفيتو المزدوج الروسي ـ الصيني، فإن الكثير من رهانات أنقرا قد انهارت، وبالتالي لم يبقى لأنقرا سوى إجراء هذه المناورات وإعلان العقوبات وربما إعلان الاعتراف بالمجلس الوطني السوري، وذلك من قبيل حفظ ماء الوجه، لا أكثر ولا أقل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق